جدة القرية
[/strike][/strike]على المقعد جلست استعيد ما خطّه الزمان على جدران ذاكرته لتغلفني أشجار السرو من جميع الجهات وتلوح أمامي صورة رائعة لم أر لها مثيل في حياتي ، نعم كانت هي وسرعان ما شدني جمالها ، كانت تقف وحيدة دونما رفقة أو أصدقاء كانت تقف شامخة صامدة ولا تعبه لمخلفات الزمن وصعوبات الحياة وحيدة على رأس التلة وقفت لتفرد ذراعيها على المكان فتعطيه الأنس والسكينة وتكون الأم الرؤوم لكل من أراد حنانها وعطفها وتعكس ذلك المنظر الرائع على مرايا الزمن عندها شعرت برغبة قوية للذهاب إليها والحديث معها لأني شعرت بان صورتها حفرت على جدران قلبي وتغلغلت وسط حجراته ، فأخذت بالتوجه نحوها ببطء ،كانت أقدمي ترتجف تحتي ، كنت اشعر بالرهبة فقد كانت أمي تروي لي حكايات الطفولة واذكر جيدا أنها كانت بطلة كل تلك الحكايات فهي قد عاصرت أجدادي ولا اعرف كم عمرها الآن فلا بد أنها تجاوزت المأتي عام .
عندما وصلت إلى مكانها شدني جمالها وشموخها الرائعان وأصابني الذهول فقد كانت تستحق فعلا لقب " جدة القرية " الذي كان يطلق عليها فتراها أمامك تحس أنها تريد أن تكلمك وتحثك عن قصص الزمان الغابر وتشعر براحة تجاهها فتبدأ بالحديث معها دونما تردد أو خجل
رجعت إلى بيتي وأنا مليء بالسرور لما رأيته من سحر الخالق وإبداعه فقد كانت أروع وأزهى شجرة رايتها في حياتي تحيط بهذا المكان الذي يلفني بذراعيه ويجتث من قطعة وقطعي ولحظة بلحظة حتى لم يبقى مني سوى ذكريات
بلال ميالة
15/7/2003